چکیده:
تعرض صاحب المقال حول مفهوم الغربة العرفانیة و معانیها فی تصوف ابن عربی و أشار ایضا باختصار حول رسالة الغربة التی کتبها أبو حیان التوحیدی. و الفوارق بین السفر و الفرار و الغربة من کتابات ابن عربی، و هکذا تعرض من نوع آخر من الغربة، و هی الغربة عن الحق التی هی من حقیقة الدهش عن المعرفة. خلاصه ماشینی:
"و فی ضوء هذا الاستبطان ینکشف الاتصال الجنسی بوصفه استیطانا و تغریبا فی آن واحد، و هکذا تبدو الغربة فی مستویاتها المختلفة حرکة بین وطنین متقابلین لاقتضائها ما منه تکون و ما إلیه تؤول، و فی هذه المدارج العرفانیة للغربة یسود طابع الضرورة التی ترفع الحریة، و ذلک أن الإنسان لا اختیار له فی الاغتراب من الأعیان الثابتة إلی الأرحام إلی العالم، و لا اختیار له فی هذه الأوطان التی ینزلها طورا بعد طور و طبقا عن طبق، مما یعنی أن الأوطان علی هذا النحو نهائیة محددة، و أن الغربة قدر الإنسان المفروض بضرب من القهر الذی لایقاوم، و أن هذه الأطوار و المستویات تبدی نفسها لنا من خلال التحلیل العرفانی بوصفها حرکة فی التاریخ و الزمان تلائم الروح الإسلامیة من حیث تصورها للحرکة باعتبارها ذات طبیعة دوریة مغلقة. و إذا کان الاغتراب و الدهشة من حیث توجبهما المعرفة و العدم و الوجود، مثارا للقلق المتوهج و الحرکة الجیاشة، فما بالنا نعدل عن هذا کله إلی اللاغربة؟ ألیس من الأولی و نحن فی صمیم تجربة عرفانیة صوفیة أساسها الدیالکتیک الوجدانی، ان نتشبث بخصوبة الوعی القلق و إن أذن بعدم الکمال الروحی؟ یقول ابن عربی فی هذا السیاق آخذا بفکرة المعیار: و أما العارفون المکملون فلیس عندهم غربة أصلا، و أنهم أعیان ثابتة فی أماکنهم لم یبرحوا عن وطنهم، و لما کان الحق مرآة لهم، ظهرت صورهم فیه ظهور الصور فی المرآة، فما هی تلک الصور أعیانهم لکونهم یظهرون بحکم شکل المرآة و لاتلک الصور عین المرآة لأن المرآة ما فی ذاتها تفصیل ما ظهر منهم، فما اغتربوا و إنما هم أهل شهود فی وجود، فأضیف إلیهم الوجود من أجل حدوث الاحکام [ الفتوحات ج 2: 529]."
)